الإغتراب عن الوطن قبل الإنتماء إليه هو ما تكشف عنه نصوص أدهم شرقاوي وهو يبحث "عن وطنٍ من لحمٍ ودم" ولا يجده، فسأل جدته عنه، فقالت له: أنا وطنٌ ولما كبر عرف "أن الوطن أكبر من حضنٍ وحكاية، وأن الدين يولدون بلا وطنٍ يبقون جوعى مهما أكلوا من خبز المنافي!...
في الجامعة يسألونك عن الوطن وكأن الكتب تتوجس من الغرباء، وفي المطارات يسألونك عن الوطن وكأنه سيصعد معك إلى الطائرة، فتروي لهم بحرقةٍ حكاية وطنٍ لا يمكنه إصدار جواز سفر!...
وبهذا المعنى النص يدخل في محاكمة شخصية لأولي الأمر الذين يستثنون المقيم في وطن لا يمنحه هوية وقد توفر ذلك في سياقٍ شعريٍّ قادر على الإيحاء بهذا النزوع نحو الداخل الإنساني للمواطن العربي المغترب عن محيطه؛ ما يعني أن هناك مقصدية أرادها الشاعر وراء هذا البناء أو الخطاب الشعري يكتشفها القارئ داخل النص، وقد أظهر الشاعر وعياً سردياً كبيراً وحرفية عالية في بثها وهذا هو دور التوجه النفسي في الكتابة الأدبية ضمن ما اصطلح عليه بتيار الوعي الذي عبّر رواده عن زخم كبير من المشاعر الإنسانية الصادقة.
يضم الكتاب نصوص مبنية على الثنائية الأدبية "الشعر والسرد في آن واحد" جاءت تحت العناوين الآتية "تعريفات ليست ساخرة جداً"، "إني أهذي فقط"، "أنت والأبراج"، "من حياتي: "دروس مهمة لعموم الأمة"، "فنجان قهوة"، "عن وطن من لحم ودم"، "هذا الصبي لا يشبه البشر"، "ابتسم أنت في لبنان"، "أزواج زوجات تحت الطلب"، "أرشيف المعذبين في الأرض"... وعناوين أخرى.