يدور كتاب الحقيقة والكتابة حول الكتابة الوصفية في القصة والرواية ويستعرض أربعة محاور هي: “الاستراتيجيات” و”الأدوات” و”الموضوعات” و”الحكاية”.
ويأتي الكتاب من ضمن سلسلة (الكتابة عن الكتابة) للأديبة الكويتية بثينة العيسى. صادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات تكوين (2018).
في المفتتح لكتابها هذا تؤكد الأديبة العيسى أن الحقيقة هي بوصلةُ الكتابة. إنها المكان الذي نتجِّه إليه، سطرًا بعد آخر. ولأن الحقيقة هي جوهر العمل الفنّي وغايته، كان الوصف، وكان للكتابة الوصفية هذه الأهمية المركزية في العمل الروائي.
إنها ليست مجرد أداة نحاول من خلالها تفعيل قدرتنا على نسج العوالم المختلفة، بقدر ما هي الأداة الراصدة للمعنى الذي يريده الكاتب، وهي ليست كتلة صمَّاء، بقدر ما هي رذاذ، أو غبار، شيءٌ يتلاشى في العمل برمَّته، سطرًا بعد آخر.إن الحديث عن الكتابة الوصفية لا يمكن أن يحدث بمعزلٍ عن الحقيقة الروائية، وإذا كانت الحقيقة هي الغاية، فإن الوصف هو الوسيلة.
وهو وسيلة تأخذ حُكم الغاية.هذا الكتاب، هو محاولة لتتبع مسار خيطٍ واحدٍ في المعمار الروائي: الخيط الوصفي.
وقد نظنُّ الأمر بسيطًا وثانويًّا، مقارنة بمكوّنات الرواية الأخرى، مثل: الحبكة والشخصيات. عناصر قد تبدو أكثر جوهرية وإغراءً للكاتب المهتم، ولكنَّ الواقع، أن الخيط الوصفي ملتحمٌ بجميع عناصر الرواية، إنه متغلغل في الشخصيات، والحدث، والمكان، ويصعبُ تحقق أي شيءٍ في الرواية بدونه، وهو في أحيانٍ كثيرة، الخطُّ الفاصل بين الرواية والحكاية، وبين الأدب الجيد والكتابة الرديئة.
إن الحديث عن الكتابة الوصفية، ويا للمفاجأة! هو حديثٌ عن كتابة الرواية برمَّتِها. إن كتاب الحقيقة والكتابة رؤية الكُلِّي من خلال الجزئي، وفهم المحيط من قطرة ماء. فلنبدأ