سيعرف القارئ من خلال هذا الكتاب (تاريخ القدس) عظمة تلك المدينة وسيطلع من خلاله على تاريخها المجيد،
فهي المدينة التي صمدت لنوائب الزمان بجميع أنواعها، وطوارئ الحدثان بجميع ألوانها، حتى أنه لم
يبق فاتح من الفاتحين، أو غازٍ من الغزاة المتقدمين والمتأخرين، الذين صالوا في هذا الجزء من الشرق،
إلا ونازلته؛ فإما يكون قد صرعه، أو تكون هي قد صرعته. إنها مدينة مقدسة.
داسها هذا… القدس… معناه في اللغة الطهر والبركة والقداسة… وقداستها هذه وإن كانت قد رفعت قدرها
وشرّفت اسمها وأذاعت في الخافقين صيتها؛ إلا أنها في الوقت نفسه كانت السبب في معظم البلايا والمحن التي
أصابتها، حيث راح الناس من جميع أطراف المعمورة يغدون إليها يريدون امتلاكها.